سيرجيو: الأممي الذي أراد السيادة للعراق فخسر حياته ( مع فيديو بالانكليزية)

سيرجيو: الأممي الذي أراد السيادة للعراق فخسر حياته ( مع فيديو بالانكليزية)

صائب خليل
20\8\2020

كان يهدف الى تسليم العراق الى العراقيين بأسرع وقت ممكن، فهل كان ممكنا الا ان يقتل؟

سيرجيو دي ميلو .. الإنسان الرائع والشريف الوحيد من بين العصابات التي قادت البعثات الاممية للعراق

تقرير البي بي سي يقدم الكثير عنه، لكنه يهدف اساساً لتبرئة الأمريكان من جريمة قتله، من خلال التركيز على موقف القاعدة من الأمم المتحدة وربط الأمر بفصل تيمور الشرقية، وتقديم ساستهم من بوش الى بلير الى كونداليزا رايس، للإطراء عليه لتشويش الحقيقة.

“نرى دورنا ان نعيد للشعب العراقي سيادته على ارضه وانهاء وجود التحالف بأسرع وقت.”

” لا احد يريد ان يكون تحت الاحتلال. أتخيل نفسي وانا ارى قوات الاحتلال في ريو دي جانيرو.. لن احب ذلك، واتمنى نهايتها بأسرع ما يمكن، بل ان لا تكون موجودة اساساً”

في نفس يوم مقتله (19 آب 2003) كان قد أعد تقريره الناقد للتحالف لاستخدامه المفرط للعنف. كان يعلم ان الامريكان سيغضبون بشدة، لكنه رأى انه ان لم يفعل ذلك فسوف ينظر العراقيون إلى الامم المتحدة كتابع لأميركا، وكان هذا اكثر ما يزعجه.

كان لديه موعد مع بريمر، وحين تم تجهيز السيارات للخروج أبلغهم الامريكان ان الموعد الغي، فبقي في مكتبه ليتلقى الانفجار! الذي حدث تحت مكتبه بالضبط!

سيرجيو، الشاب البرازيلي الأنيق، واليساري الثوري، كان في شبابه واضح العداء للأمريكان والإمبريالية، بل وواضحا في ماركسيته عندما كان طالبا في جامعة السوربون، حيث شارك في ستينيات القرن الماضي في التظاهرات ضد الحرب على فيتنام.

عمل في المفوضية العليا للاجئين في الامم المتحدة منذ شبابه. وفي بنغلادش شاهد المأساة الانسانية للكثير من البشر. كذلك واجه الشرطة العنصرية الشرسة في جنوب افريقيا، ثم الخمير الحمر في كمبوديا حيث كانت المأساة الانسانية والأخطار على اشدها. كان مفاوضا ساحرا وجامعاً للمتناقضين واستطاع اعادة 4000 كمبودي الى بيوتهم.

قال سائقه عنه انه مجنون! حيث كان علينا ان نسير في حقول الألغام ولم يكن هناك وسيلة للاتصال إن حصل شيء.

بعد الانفجار، وجده رجال الانقاذ حياً، ولكن مدفونا حتى منتصفه. وكان في وضعه الصعب، يسأل عن الآخرين ليطمئن عليهم وليس عن نفسه وكيف يجب ان يخرج.

زوجته تطلب المساعدة وطلب الشفلات، فيخبروها انه لا توجد شفلات..  – “اذن لنخرجه بما يتوفر لدينا من أدوات!”  – “لا لا يجب ان ننتظر المساعدة”، لكن المساعدة لم تأت.

ذهب للموصل والبصرة واربيل واستمع لكل مشاكل العراقيين كان مستعدا وراغباً بالتعلم من الآخرين..

“كان العراقيين يستمعون الينا ويحبونا، ولم يكن الامر ذاته مع الامريكان”

“لم يكن يسكت عن اخطاء بوش الكبيرة”

“كان حريصا على ان لا تبدو الامم المتحدة امتدادا للتحالف الدولي الأمريكي”

نلاحظ ان الشخص الوحيد الذي لم يتكلم عن سيرجيو بشكل لطيف، كان الجندي التافه الذي كان يفترض به ان ينقذه، ومن الواضح انه كان يثير اعصابه عمداً وتأخيره بالحديث معه عن الإيمان الخ

هكذا تركوا الرجل ثلاث ساعات ونصف ولم يحاولوا إخراجه، حتى مات! ولا يعقل ان الامريكان لا يملكون شفلاً او لا يستطيعون الحصول على شفل في بغداد في النهار، او استخدام دبابة أو سيارة عسكرية لجر الأثقال لمدة ثلاث ساعات ونصف. بل لا يستبعد ان هذا الجندي جاء ليتأكد من إتمام قتله وليس إنقاذه، وهو امر معتاد في عمليات الاغتيال.

ما الذي حدث لبعثة الأمم المتحدة بعد ذلك؟ حسب علمي لم يأت رئيس لها ليس له علاقة تبعية تامة ليس فقط للاحتلال، بل كان على علاقة مشبوهة مع إسرائيل! من بلاسخارت إلى من سبقها ميلادينوف وكوبيتش،(1) ولم يهتم هؤلاء بشيء في العراق بقدر اهتمامهم بإخراج كلمة من المرجعية بحل الحشد، بل انهم كانوا يزورون الكلام أحيانا ليبدو كما يريدون!

قبل استلام سيرجيو لمهمته في بغداد ارسل إيميلا لأصدقائه المقربين بان تلك ستكون اخر مهمة له وانه سيتوقف ويعيش حياة طبيعية بعد ذلك. لقد تحقق الجزء الأول من امنيته، وكانت تلك آخر مهماته، اما الثانية فلم يمهلوه ليحققها.

فيديو: https://www.youtube.com/watch?v=nOeNEx8K5zE

(1) ممثلو الأمم المتحدة في العراق وإسرائيل – علاقات متميزة وخطرة! بقلم: صائب خليل

Subscribe to صائب خليل

Don’t miss out on the latest issues. Sign up now to get access to the library of members-only issues.
jamie@example.com
Subscribe