رسالة الى السيد علي الخامنئي

رسالة الى السيد علي الخامنئي

صائب خليل 19 تموز 2020

سماحة آية الله السيد علي الخامنئي المحترم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بلغني يا سماحة الإمام الخامنئي العزيز، ان الكاظمي عندما سيزور ايران، سوف يحظى بمقابلتكم، وشعرت أن من واجبي التماسكم مراجعة هذا القرار إن كان ما اشيع صحيحاً، لأن منح مثل هذا الرجل شرف مقابلتكم سيكون له أثر سلبي كبير على الشعب العراقي الذي يثق بكم كثيراً.

إن مصطفى الكاظمي، عميل امريكي، وحتى لو لم يثبت ضلوعه بجريمة قتل الشهيدين الخالدين، فهو مجرم ولص سرق أرشيف العراق واوصله الى اعدائه ليكون سلاحا بيدهم ضد أبناء شعبه ووطنه، وهي جريمة ادانتها حتى المنظمات الدولية(1)

 هذا الرجل رضي ان يتم تنصيبه بضغوط أمريكية ورسالة تهديد من السفير الأمريكي إلى السيد نوري المالكي. كما ان بقية الكتل قد تلقت تهديدات أمريكية مختلفة من أجل تنصيبه ومنها اشعال الحرب الأهلية باستغلال التظاهرات وكذلك التهديد بقطع الكهرباء الإيرانية وحتى نهب الاحتياطي العراقي الذي وضعوه في واشنطن لاستعباد الشعب العراقي.

لقد لعبت حكومة السيد روحاني للأسف دوراً فعالا في تنصيب هذا الخائن على رأس حكومة العراق. واصدقكم القول ان ذلك لم يفاجئني من ناحية توجه السيد روحاني، باعتباره ممثلا لتجار البازار الذين هم في تقديري أقرب الى اميركا مما هم الى الثورة الإسلامية الإيرانية ومبادئها، كعادة معظم التجار في العالم. لكن ما فاجأني واغضبني هو مدى الجرأة والعلنية في دعم هذا العميل الأمريكي من قبل ممثلي حكومة السيد روحاني والاعلام الإيراني.

لقد نشرت في مايس الماضي مقالة بعنوان “إيران واحدة أم اثنتان؟ كتبت فيها: “إيران التي نظمت حملة يوم القدس.. لا تشبه إيران التي دعمت حكومة العميل الامريكي للعراق! إيران التي بكت دماً على شهيدها البار.. لا يمكن ان تدعم المتهم بقتله! إيران التي تتحدى الغطرسة، ليست نفس الإيران التي تدعو جيرانها للتخاذل!”

واشرت الى التدخلات بقولي ان الرئيس الإيراني روحاني قال انه يشعر “بالكثير من السرور” لتوصل الفئات العراقية الى اتفاق بلور الحكومة الجديدة وللاستقرار الذي حل هذه الايام في (العراق) ببركة رمضان المبارك.(2)

لكن الحقيقة كانت “إذعان” الفئات المختلفة لتهديدات لم يسبق لها مثيل من الإدارة الامريكية،

لقد اساء موقف حكومة السيد روحاني الى سمعة ايران بين الشعب العراقي الى درجة اضطرت السفير الإيراني إنكار وجود تفاهم بين ايران وأميركا حول اختيار الكاظمي.(3)

الخارجية الإيرانية رحبت بالكاظمي في يوم تكليفه وقبل موافقة مجلس النواب العراقي عليه ووصفت تكليفه بأنه “خطوة في الاتجاه الصحيح”،(4) مما يعني دعما وضغطا على النواب الذين يحترمون موقف ايران ويثقون به.

وتلاه بعد أيام ترحيب السيد السفير مسجدي بالتكليف، مضيفاً بان التكليف تم وفق القانون والدستور العراقي. وهذا ليس صحيحاً لأن “الكتلة الأكبر” وفق الدستور هي الكتلة النيابية الأكبر وهذا ما لم يُعلن لحد اليوم. ولا يوجد شيء اسمه “الكتلة الشيعية الكبيرة” كما جاء في تصريح السيد السفير، والمتوافق مع الخطاب الإعلامي والسياسي الطائفي في العراق. الخطاب الذي يرفضه العراقيون لأنه يسعى لتحويل المفاهيم الدستورية باتجاه اللبننة الطائفية، وخلافاً للنص الدستوري العراقي.

والحقيقة ان مجرد مناقشة دستورية الأمر، هو تدخل من السفير في موضوع كان ومازال عليه اختلاف شديد في العراق.(5)

لكن دعم حكومة السيد روحاني للكاظمي أقدم حتى من ترشيح الكاظمي وقبل حتى طرح اسمه علناً! فقام أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني بداية آذار، حين كان يزور العراق لسبب غير معروف، بمقابلته! (6)

في الوقت الذي كان الناس فيه يتحدثون عن اتهامه بقتل الشهيدين! فجاءت المقابلة، دعماً هائلا له.

كذلك فإن الإعلام الإيراني لم يبخل على الكاظمي بالثناء والتلميع، أسوة بالإعلام الأمريكي. فحين كان مازال مجرد مرشح، وصفته وكالة مهر للأنباء بأنه “على رأس قائمة المرشحين الأبرز الذين يحظون بقبول الشارع العراقي”!! هذا في الوقت الذي لم يكن احد يعرفه في الشارع العراقي إلا كلص متهم بسرقة الأرشيف العراقي وتهريبه الى اميركا وإسرائيل، ومتهم باغتيال الشهيدين! وكتبت الوكالة بوقاحة مدهشة، أن “شعبية” الكاظمي، جاءت من “دوره كمدير تنفيذي لمؤسسة الذاكرة العراقية”!!(7)

والحقت مهر نيوز ذلك بمقال آخر مليء بالمدائح الكاذبة التي لا أساس لها.(8)

لقد دافعنا عن إيران الصديقة وشعبها الرائع كثيرا في الماضي بوجه الأكاذيب المهولة العدد التي حاكها اذناب اميركا من أمثال الكاظمي ضدها. ولا عجب في ذلك، ولست متفضلا به، فقد كنت ادافع عن الحق.

إننا لا ننسى افضال الجمهورية الإسلامية الإيرانية العظيمة على العراق ولا ننتقص منها، بل يشرفني اني كنت قد دعوت لنصب تمثال للشهيد منذ عام 2015، عرفانا بجميله(9)

كذلك اشرنا مراراً إلى مواقفكم الكريمة وصححنا القصد من اقوال ساسة ايران عشرات المرات ودافعنا عنها بوجه الكذب الإعلامي الغربي (ومنها اقوال لكم) حين حاول الإعلام تشويهها(10) وكنا مدركين اننا بذلك انما ندافع عن انفسنا وصحة ادراكنا للحقيقة.

لكننا لم نكن نستطيع إلا ان نعترف ان الأمر لم يكن دائما مجرد سوء فهم. والحقيقة ان  لاحظنا بعد تسلم حكومة السيد روحاني السلطة، نمواً غير طبيعي في تصريحات المسؤولين المحرجة للعلاقة العراقية الإيرانية، وكأنها كانت مصممة لإعطاء الحجة للإعلام الأميركي بسعيه لتثبيت صورة سيئة لدى العراقيين عن إيران. وكانت تكاد جميع تلك التصريحات تصدر من “الإصلاحيين”.

مستشار السيد روحاني للشؤون السياسية والأمنية، “على يونسي” قال ان بغداد عاصمة للإمبراطورية الإيرانية وغيرها من الأقوال الغريبة، فاشتبه نواب إيرانيون ان الأمر ليس بريئاً وطالبوا الحكومة والقضاء بمعاقبته وطرده. واشار أحد النواب أن يونسي عمل سابقا كوزير للمخابرات، فهو على دراية كاملة بتداعيات تصريحاته الأخيرة وأنه قالها متعمدا.!! (11)، وقامت “المحكمة الخاصة بعلماء الدين في إيران” باستدعاء علي يونسي للتحقيق معه بشأن تصريحاته الأخيرة الخاصة بالعراق”(12)

وفي 2015 نشر رئيس تحرير وكالة “مهر” حسن هاني زاده” (لاحظوا.. وكالة مهر مرة اخرى!) مقالاً بعنوان “الوحدة بين ايران والعراق لابد منها”، وجاءت فيه عبارات قبيحة غير لائقة، مثلا: “لقد آن الأوان ان يقول الشعب العراقي كلمته الاخيرة وان يختار بين العروبة المزيفة الجاهلية وبين الاسلام الحقيقي وينفض ثوبه من تراب الذل العربي”…(13) ، وزاده أيضاً ليس أحمقاً لا يعرف تأثير ما يقول.

وعلى النقيض من ذلك تماما، نجدكم يا سماحة السيد الخامنئي تتحدثون كعادتكم بكل تواضع واحترام: “نحن الايرانيون تبعية للعراق لأن شيعة العراق هم اصل التشيع.”(14) فشتان بين الأثنين!

لذلك ولأسباب أخرى، فقدنا الثقة بالسيد روحاني وحكومته، ووصفت السيد روحاني في مجموعة من المقالات بأنه غورباتشوف الثورة الإيرانية(15)(16)(17)(18) وانه قد عليها كما قضى غورباتشوف على الاتحاد السوفيتي

بالعودة إلى موضوع دعم حكومة السيد روحاني للكاظمي، يقول رسولنا في حديث الشريف: “أنصر أخاك ظالماً أو مظلوما” وتفسيري للنصرة هنا هو ليس بالتماهي مع كل ما يصدر من حكومتكم، بل بأن أكشف الحق لكم عندما أرى خللاً ما، باعتباركم اخوة لي ولكل العراقيين.

إننا نعي مصلحتنا المشتركة ومصيرنا المشترك، لذلك نريد ان نكون مع إيران المقاومة وليس ايران المتاجرة. إيران الأخ والصديق وليس ايران التي تبيعنا ورقة مقابل سماحات أمريكية واتفاقات لا يعلم الا الله ما فيها. إننا مع ايران المستقبل البعيد، وليس ايران الانتهازية للفرص الباحثة عن المكسب المؤقت.


لقد قال السيد الخميني رحمه الله: “من رضيت عنه اميركا فليراجع نفسه، ومن امتدحته اميركا فهو خائن”. وهذا الرجل لم تمتدحه اميركا فقط، بل اطنبت في امتداحه وفرضته على العراق فرضاً وسال لعابها عند نجاح مؤامرتها بتنصيبه، استعدادا لتنفيذ اجندتها المضادة لإيران والعراق. فإن انتم قابلتم هذا الرجل فإنكم تستقبلون خائنا من ابشع الخونة. لذلك فإننا نتمنى ان تعيدوا النظر بقرار مقابلته، إن كان القرار قد صدر منكم فعلا، وكلنا ثقة بأنكم ستتخذون القرار الصحيح، ولكم جزيل الشكر والامتنان.

صائب خليل

(1) جمعية الارشفة الامريكية والكندية تدين مؤسسة الذاكرة

https://www2.archivists.org/statements/acasaa-joint-statement-on-iraqi-records

(2) الرئیس روحاني: نحن كبلد شقيق وصديق وجار للعراق سنبقى الى جانبه دوما

https://ar.farsnews.ir/allnews/news/13990231000630

(3) سفير ايران: لا اتفاق مع واشنطن بشأن تعيين رئيس الحكومة العراقية

https://ar.farsnews.ir/allnews/news/13990224000733

(4) ایران ترحب بتكليف الكاظمي بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة

https://ar.farsnews.ir/iran/news/13990121000752

(5) طهران تدعم رئيس الوزراء العراقي المنتخب طبقا للقانون – Mehr  

https://ar.mehrnews.com/news/1903343/

(6) شمخاني يلتقي الكاظمي ويناقشان الأوضاع الأمنية والعلاقات الإستخبارية بين البلدين

https://baghdadpress.org/ar/news.php?id=13021

(7) من هو مصطفى الكاظمي المرشح الجديد لرئاسة حكومة العراق؟ – Mehr  

https://ar.mehrnews.com/news/1903275/

(8) تحديات العراق المقبلة بعد تكليف “مصطفى الكاظمي” بتشكيل الحكومة – Mehr  

https://ar.mehrnews.com/news/1903309/

(9) ألا ننصب تمثالا —-؟

https://www.facebook.com/saieb.khalil.if.you.missed.it/posts/385849315287576/

(10) لماذا تدافع عن خامنئي!  صائب خليل |

https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/2684189328304786

(11) برلمانيون إيرانيون يدينون تعليقات مستشار الرئيس بشأن العراق – BBC Arabic

http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2015/03/150314_iran_president_aide_iraq

(12) محكمة إيرانية خاصة تستدعي يونسي للتحقيق

https://elaph.com/Web/News/2015/3/991803.html?entry=Iran

(13) مسؤول إيراني: على العراقيين ترك العروبة «الجاهلية» وتغيير الدشداشة والكوفية 

https://www.alquds.co.uk/%EF%BB%BFمسؤول-إيراني-على-العراقيين-ترك-العر/

(14) السيد الخامنئي: نحن تبعية للعراق لان شيعة العراق هم أصل التشيع.

https://www.facebook.com/855269057855764/photos/a.938791762836826/1008208142561854/

(15) روحاني – هل يكون غورباتشوف الثورة الإسلامية في ايران؟ 1- الاتفاق النووي السيء
https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/2513256562064731
(16) روحاني – هل يكون غورباتشوف الثورة الإسلامية؟ 2- أمركة الاقتصاد
https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/2524936367563417
(17) روحاني – هل يكون غورباتشوف الثورة الإسلامية؟ 3- الرد على تحديات اميركا
https://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/2526533577403696

(18) روحاني – هل يكون غورباتشوف الثورة الإسلامية؟ 4- العلاقة مع العراقhttps://www.facebook.com/saiebkhalil/posts/2527135440676843

Subscribe to صائب خليل

Don’t miss out on the latest issues. Sign up now to get access to the library of members-only issues.
jamie@example.com
Subscribe